المساء
ايليا أبو ماضي
ألسحب
تركض في الفضاء الرّحب ركض الخائفين
و الشمس
تبدو خلفها صفراء عاصبة الجبين
و البحر
ساج صامت فيه خشوع الزاهدين
لكنّما
عيناك باهتتان في الأفق البعيد
سلمى ...
بماذا تفكّرين ؟
سلمى ...
بماذا تحلمين ؟
*
أرأيت
أحلام الطفوله تختفي خلف التّخوم ؟
أم أبصرت
عيناك أشباح الكهوله في الغيوم ؟
أم خفت
أن يأتي الدّجى الجاني و لا تأتي النجوم ؟
أنا لا
أرى ما تلمحين من المشاهد إنّما
أظلالها
في ناظريك
تنمّ ،
يا سلمى ، عليك
إنّي
أراك كسائح في القفر ضلّ عن الطّريق
يرجو
صديقاً في الفـلاة ، وأين في القفر الصديق
يهوى
البروق وضوءها ، و يخاف تخدعه البروق
بل أنت
أعظم حيرة من فارس تحت القتام
لا
يستطيع الانتصار
و لا
يطيق الانكسار
*
هذي
الهواجس لم تكن مرسومه في مقلتيك
فلقد
رأيتك في الضّحى و رأيته في وجنتيك
لكن
وجدتك في المساء وضعت رأسك في يديك
و جلست
في عينيك ألغاز ، و في النّفس اكتئاب
مثل
اكتئاب العاشقين
سلمى ...
بماذا تفكّرين ؟
*
بالأرض
كيف هوت عروش النّور عن هضباتها ؟
أم
بالمروج الخضر ساد الصّمت في جنباتها ؟
أم
بالعصافير التي تعدو إلى و كناتها ؟
أم
بالمسا ؟ إنّ المسا يخفي المدائن كالقرى
و الكوخ
كالقصر المكين
و الشّوك
مثل الياسمين
*
لا فرق
عند اللّيل بين النهر و المستنقع
يخفي
ابتسامات الطروب كأدمع المتوجّع
إنّ
الجمال يغيب مثل القبح تحت البّرقع
لكن
لماذا تجزعين على النهار و للدّجى
أحلامه و
رغائبه
و سماؤه
و كواكبه ؟
*
إن كان
قد ستر البلاد سهولها ووعورها
لم يسلب
الزهر الأريج و لا المياه خريرها
كلّا ، و
لا منع النّسائم في الفضاء مسيرها
ما زال
في الورق الحفيف و في الصّبا أنفاسها
و
العندليب صداحه
لا ظفره
و جناحه
*
فاصغي
إلى صوت الجداول جاريات في السّفوح
واستنشقي
الأزهار في الجنّات ما دامت تفوح
و تمتّعي
بالشّهب في الأفلاك ما دامت تلوح
من قبل
أن يأتي زمان كالضّباب أو الدّخان
لا
تبصرين به الغدير
و لا
يلذّ لك الخرير
*
لتكن
حياتك كلّها أملا جميلا طيّبا
و لتملإ
الأحلام نفسك في الكهولة و الصّبى
مثل
الكواكب في السماء و كالأزاهر في الرّبى
ليكن
بأمر الحبّ قلبك عالما في ذاته
أزهاره
لا تذبل
و نجومه
لا تأفل
*
مات
النهار ابن الصباح فلا تقولي كيف مات
إنّ
التأمّل في الحياة يزيد أوجاع الحياة
فدعي
الكآبة و الأسى و استرجعي مرح الفتاة
قد كان
وجهك في الضّحى مثل الضّحى متهلّلا
فيه
البشاشة و البهاء
ليكن
كذلك في المساء
هناك تعليق واحد:
بجد تحفة ♥♥♥
إرسال تعليق